فصل: ملوك اليمن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء (نسخة منقحة)



.الفصل الرابع: ملوك العرب قبل الإسلام:

وأما ما يتعلق بقبائل العرب وأنسابهم، فإنا نذكره عند ذكر كرامة العرب في الفصل الخامس، المشتمل على ذكر الأمم إن شاء الله تعالى، من كتاب ابن سعيد المغربي.

.ملوك اليمن:

إن بعد تبلبل الألسن، وتفرق بني نوح، أول من نزل اليمن قحطان بن عابر ابن شالح المقدم الذكر، وقحطان المذكور أول من ملك أرض اليمن ولبس التاج.
ثم مات قحطان وملك بعده ابنه يعرب بن قحطان، وهو أول من نطق بالعربية على ما ذكر.
ثم ملك بعده ابنه يشحب بن يعرب.
ثم ملك بعده ابنه عبد شمس بن يشحب، ولما ملك أكثر الغزو في أقطار البلاد، فسمي سبا، وهو الذي بنى السد بأرض مأرب، وفجر إليه سبعين نهراً، وساق إليه السيول من أمد بعيد، وهو الذي بنى مدينة مأرب، وعرفت بمدينة سبا، وقيل أن مأرب لقب للملك الذي يلي اليمن، وقيل أن مأرب هو قصر الملك، والمدينة سبا.
وخلف سبأ المذكور عدة أولاد منهم: حمير وعمرو، وكهلان، وأشعر، وغيرهم على ما سنذكره في الفصل الخامس، عند ذكر أمة العرب.
ولما مات سبأ ملك اليمن بعده ابنه حمير بن سبا، ولما ملك أخرج ثمود من اليمن إلى الحجاز.
ثم ملك بعده ابنه واثل بن حمير.
ثم ملك بعده ابنه السكسك بن واثل.
ثم ملك بعده يعفر بن السكسك.
ثم وثب على ملك اليمن ذورياش وهو عامر بن باران بن عوف بن حمير.
ثم نهض من بني واثل النعمان بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير، واجتمع عليه الناس، وطرد عامر بن باران عن الملك، واستقل النعمان المذكور بملك يمن، ولقب نعمان المذكور بالمعافر لقوله:
إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ** بلغت معالي الأقدمين المقاول

والمقاول: لفظة جمع، وهم الذين يلون الجهات الكبار من اليمن.
ثم ملك بعده ابنه أشمح بن نعمان المعافر المذكور.
ثم ملك بعده شداد بن عاد بن ألماطاط بن سبا، واجتمع له الملك، وغزا البلاد إلى أن بلغ أقصى المغرب، وبنى المدائن والمصانع، وأبقى الآثار العظيمة.
ثم ملك بعده أخوه لقمان بن عاد، ثم ملك بعده أخوه ذو سدد بن عاد، ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ذي سدد، ويقال له الحارث الرائش، وقيل إن حارث الرائش المذكور، هو ابن قيس بن صيفي بن سبأ الأصغر، وهو تبع الأول. ثم ملك بعده ابنه ذو القرنين، الصعب بن الرائش، وقد نقل ابن سعيد أن ابن عباس سئل عن ذي القرنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز، فقال: هو من حمير وهو الصعب المذكور، فيكون ذو القرنين المذكور في الكتاب العزيز هو الصعب بن الرائش المذكور، لا الإسكندر الرومي.
ثم ملك بعده ابنه ذو المنار أبرهه بن ذي القرنين.
ثم ملك بعده ابنه أفريقس بن أبرهه، ثم ملك بعده أخوه ذو الأذعار عمرو بن ذي المنار.
ثم ملك بعده شرحبيل بن عمرو بن غالب بن المنتاب بن زيد بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير، فإن حمير كرهت ذا الأذعار فخلعت طاعته، وقلدت الملك شرحبيل المذكور، وجرى بين شرحبيل وذي الأذعار قتال شديد، قتل فيه خلق كثير، واستقل شرحبيل بالملك.
ثم ملك بعده ابنه الهدهاد بن شرحبيل، ثم ملكت بعده ابنته بلقيس بنت الهدهاد، وبقيت في ملك اليمن عشرين سنة، وتزوجها سليمان بن داود عليهما سلام، ثم ملك بعدها عمها ناشر النعم بن شرحبيل وقيل إن ناشر النعم اسمه مالك بن عمرو بن يعفر بن عمرو، من ولد المنتاب بن زيد الحميري.
ثم ملك بعده شمر يرعش بن ناشر النعم المذكور، وقيل شمر بن أفريقس ابن أبرهه ذي المنار.
ثم ملك بعده ابنه أبو مالك بن شمر، ثم ملك بعده عمران بن عامر الأزدي، وهو عمران بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وانتقل الملك حينئذ من ولد حمير بن سبأ إلى ولد أخيه كهلان بن سبأ، وكان عمران المذكور كاهناً.
ثم ملك بعده أخوه مزيقيا عمرو بن عامر الأزدي، وقيل له مزيقياء لأنه كان يلبس في كل يوم بدلة، فإذا أراد الدخول إلى مجلسه رمى بها فمزقت لئلا يجد أحداً فيها ما يلبسه بعده. انتهى كلام ابن سعيد المغربي.
ومن تاريخ حمزة الأصفهاني، إن الذي ملك بعد أبي مالك بن شمر المذكور، قبل عمران الأزدي، ابنه الأقرن بن أبي مالك، ثم ملك بعده ذو حبشان بن الأقرن، وهو الذي أوقع بطسم وجديس.
ثم ملك بعده أخوه تبع بن الأقرن، ثم ملك بعده ابنه كليكرب بن تبع، ثم ملك بعده أبو كرب أسعد وهو تبع الأوسط، وقتل.
ثم ملك بعده ابنه حسان بن تبع، وتتبع قتلة أبيه فقتلهم عن آخرهم، ثم قتله أخوه عمرو بن تبع، وملك بعده وتواترت الأسقام بعمرو المذكور، حتى كان لا يمضي إلى الخلاء إلا محمولاً على نعش، فسمي ذا الأعواد لذلك.
ثم ملك بعده عبد كلال بن ذي الأعواد، ثم ملك بعده تبع بن حسان بن كليكرب، وهو تبع الأصغر.
ثم ملك بعده ابن أخيه الحارث بن عمرو، وتهود الحارث المذكور، ثم ملك بعده مرثد بن كلال، ثم تفرق بعده ملك حمير والذي اشتهر بعده أنه ملك وكيعة بن مرتد، ثم ملك أبرهة بن الصباح، ثم ملك صهبان بن محرث، ثم ملك عمرو بن تبع، ثم ملك بعده ذو شناتر ثم ملك بعده ذو نواس، وكان من لا يتهود ألقاه في أخدود مضطرم ناراً، فقيل له صاحب الأخدود.
ثم ملك بعده ذوجدن وهو آخر ملوك حمير، وكان مدة ملكهم على ما قيل ألفين وعشرين سنة، وإنما لم نذكر مدة ما ملكه كل واحد منهم لعدم صحته، ولذلك قال صاحب تواريخ الأمم: ليس في جميع التواريخ، أسقم من تاريخ ملوك حمير، لم يذكر فيه من كثرة عدد سنيهم، مع قلة عدد ملوكهم. فإنهم يزعمون أن ملوكهم ستة وعشرون ملكاً، ملكوا في مدة ألفين وعشرين سنة.
ثم ملك اليمن بعدهم من الحبشة أربع، ومن الفرس ثمانية، ثم صارت اليمن للإسلام من كتاب ابن سعيد المغربي، إن الحبشة استولوا على اليمن بعد ذي جدن الحميري المذكور، وكان أول من ملك اليمن من الحبشة أرباط. ثم ملك بعده أبرهة الأشرم صاحب الفيل، الذي قصد مكة. ثم ملك بعده يكسوم. ثم ملك بعده مسروق بن أبرهة، وهو آخر من ملك اليمن من الحبشة.
ثم عاد ملك اليمن إلى حمير وملكها سيف بن ذي يزن الحميري وهو الذي ملكه كسرى أنوشروان، وأرسل مع سيف المذكور أحد مقدمي الفرس، واسمه وهرز بجيش من العجم، فساروا إلى اليمن وطردوا الحبشة عنها، وقرروا سيف بن ذي يزن في ملك اليمن، ولما استقر سيف في ملك أجداده باليمن وطرد الحبشة عنها، وجلس في غمدان يشرب، وهو قصر كان لأجداده باليمن، فامتدحته العرب بالأشعار، منها ما قاله فيه أمية بن أبي الصلت، ووصف تغرّب سيف بن ذي يزن وقصده قيصرا أولاً ثم كسرى في إعادة ملك آبائه إليه، حتى قدم بالفرس الذي مقدمهم وهرز، فقال في ذلك:
لا يقصد الناس إلا كابن ذي يزن ** إذخيم البحر للأعداء أحوالا

وافى هرقل وقد شالت نعامته ** فلم يجد عنده النصر الذي سالا

ثم انتحى نحو كسرى بعد عاشرة ** من السنين يهين النفس والمالا

حتى أتى ببني الأحرار يقدمهم ** تخالهم فوق متن الأرض أجبالا

لله درهم من فتية صبر ما ** إن رأيت لهم في الناس أمثالا

بيض مرازبة غلب أساورة ** أسد ترتب في الغيضات أشبالا

فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً ** برأس غمدان داراً منك محلالا

تلك المكارم لا قعبان من لبن ** شيباً بماء فعادا بعد أبوالا

وكان سيف بن ذي يزن المذكور، قد اصطفى جماعة من الحبشان، وجعلهم من خاصته، فاغتالوه وقتلوه، فأرسل كسرى عاملاً على اليمن، واستمرت عمال كسرى على اليمن إلى أن كان آخرهم باذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم، ثم صارت اليمن للإسلام، وانتهى أخبار ملوك اليمن.

.ملوك العرب الذين كانوا في غير اليمن:

وكان أول من ملك على العرب بأرض الحيرة مالك بن فهم بن غنم بن دوس ابن عدنان بن عبد الله بن وهزان بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد، والأزد من ولد كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، كان وملكه في أيام ملوك الطوائف قبل الأكاسرة ثم ملك بعده أخوه عمرو بن فهم.
ثم ملك بعده ابن أخيه جذيمة بن مالك بن فهم، وكان به برص فكنوا عنه وقالوا جذيمة الأبرش، وعظم شأن جذيمة المذكور، وكانت له أخت تسمى رقاش فهويت شخصاً من إياد، كان جذيمة قد اصطنعه، وكان يقال له عدي بن نصر بن ربيعة، وهويها عدي المذكور أيضاً، وكان عدي المذكور متسلماً مجلس شراب جذيمة، فاتفقت معه رقاش على أن يخطبها من أخيها جذيمة حال غلبة السكر عليه، ففعل ذلك، وأذن له جذيمة، فدخل عدي برقاش، فلما أصبح جذيمة وعّلم بذلك عظم عليه فهرب عدي المذكور، فقيل أنه ظفر به جذيمة وقتله، وحبلت رقاش من عدي المذكور فقال لها جذيمة:
خبريني رقاش لا تكذبيني ** أبحر زنيت أم بهجين

أم بعبد فأنت أهل لعبد ** أم بدون فأنت أهل لدون

فقالت: بل من خيار العرب، وجاءت بولد، وربته وألبسته طوقاً، وسمته عمراً وتبنن به جذيمة، ثم عدم الغلام، وتزعم العرب أن الجن اختطفته، ثم وجده شخصان يقال لهما مالك وعقيل، فأحضراه إلى جذيمة ففرح به فرحاً عظيماً، وكان اسم الصبي عمراً فقال جذيمة لمالك وعقيل اللذين أحضراه: اقترحا ما شئتما. فقالا: منادمتك ما بقيت وبقينا. فهما اللذان يضرب بهما المثل فيقال كندماني جذيمة.
وفي أيام جذيمة المذكور، كان قد ملك الجزيرة وأعالي الفرات ومشارق الشام، رجل من العمالقة يقال له عمرو بن الضرب بن حسان العمليقي، وجرى بينه وبين جذيمة حروب، فانتصر جذيمة عليه، وقتل عمرو المذكور.
وكان لعمرو بنت تدعى الزباء، واسمها نائلة، فملكت بعده وبنت على الفرات مدينتين متقابلتين، وأخذت في الحيلة على جذيمة وأطمعته بنفسها حتى اغتر وقدم إليها فقتلته وأخذت بثأر أبيها.

.ابتداء ملك اللخميين: ملوك الحيرة:

وهم المناذرة بنو عدي بن نصر بن ربيعة من ولد لخم بن عدي بن عمرو بن سبا.
ولما قتل جذيمة ملك بعده ابن أخته رقاش عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة، وكان لجذيمة عبد يقال له قصير، فاتفق معه عمرو بن عدي المذكور، وجدع أنف قصير وضربه بالسياط، وحضر قصير على تلك الحالة إلى الزباء على أنه مغاضب لعمرو، فصدقته الزباء وأمنت إليه لما رأت من حاله، وصار قصير يتجر للزباء، ويأخذ المال من مولاه، ويحضره إلى الزباء على أنه كسب متجرها، مرّة بعد أخرى، حتى أتى بقفل نحو ألف حمل من الصناديق، وأقفالها من داخل، وفيها رجال معتدون فلما شاهدت الزباء تلك الأحمال ارتابت منه وقالت:
ما للجمال مشيها وئيدا ** أجندلاً يحملن أم حديدا

أم صرفاناً بارداً شديدا ** أم الرجال جثماً قعودا

فلما دخلوا إلى حصن الزباء، خرجت الرجال من الصناديق، وأخذوا المدينة عنوة، وقتلوا الزباء وأخذ قصير بثأر مولاه جذيمة، وطالت مدة ملك عمرو بن عدي المذكور.
ثم مات وملك بعده ابنه امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخمي، وكان يقال لامرئ القيس المذكور البدا، أي الأول.
ثم ملك بعد امرؤ القيس ابنه عمرو بن امرئ القيس وكان ملكه في أيام سابورذي الأكتاف، ثم ملك بعده أوس بن قلام العمليقي، ثم ملك آخر من العماليق، ثم رجع الملك إلى بني عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخميين المذكورين، وملك منهم امرؤ القيس من ولد عمرو بن امرئ القيس المذكور، عرف هذا امرؤ القيس الثاني بالمحرق، لأنه أول من عاقب بالنار، ثم ملك بعده ابنه النعمان الأعور بن امرئ القيس، وهو الذي بنى الخورنق والسدير، وبقي في الملك ثلاثين سنة، ثم تزهد وخرج من الملك في زمن بهرام جور بن يزدجرد، وهو الذي ذكره عدي بن زيد في قصيدته الرائية المشهورة بقوله:
وتدبر رب الخورنق إذ أشـ ** ـرف يوماً وللهدى تفكير سره

ماله وكثرة ما يمـ ** ـلك والبحر معرض والسدير

فارعوى قلبه وقال وما غبـ ** ـطة جى إلى الممات بصير

ولما تزهد النعمان الأعور المذكور، ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان. وانتهى ملكه في زمن فيزوز بن يزد جرد.
ثم ملك بعده ابنه الأسود بن المنذر، وهو الذي انتصر على غسان، عرب الشام، وأسر عدة من ملوكهم، وأراد الأسود المذكور أن يعفو عنهم، وكان للأسود المذكور ابن عم يقال له أبو أذينة، قد قتل آل غسان له أخاً في بعض الوقائع، فقال أبو أذينة في ذلك قصيدته المشهورة يغري الأسود بقتلهم منها:
ما كل يوم ينال المرء ما طلبا ** ولا يسوغه المقدار ما وهبا

وأحزم الناس من إنْ فرصة عرضت ** لم يجعل السبب الموصول منقضبا

وأنصف الناس في كل المواطن من ** سقى المعادين بالكأس الذي شربا

وليس يظلمهم من راح يضربهم ** بحد سيف به من قبلهم ضربا

والعفو إلا عن الأكفاء مكرمة ** من قال غيره الذي قد قلته كذبا

قتلت عمراً وتستبقي يزيد لقد ** راًيت رأياً يجر الويل والحربا

لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها ** إنْ كنت شهماً فأتبع رأسها الذنبا

هم جردوا السيف فاجعلهم له جزراً ** وأوقد النار فاجعلهم لها حطبا

إن تعف عنهم يقول الناس كلهم ** لم يعف حلماً ولكن عفوه رهبا

هم أهلة غسان ومجدهم ** عال فإن حاولوا ملكاً فلا عجبا

وعرضوا بفداء واصفين لنا ** خيلاً وإبلاً تروق العجم والعربا

أيحلبون دماً منّا ونحلبهم ** رسلاً لقد شرفونا في الورى حلبا

علام تقبل منهم فدية وهم ** لا فضة قبلوا منا ولا ذهبا

ونقلت ذلك من مجموع بخط القاضي شمس الدين بن خلكان، ورأيت في تاريخ ابن الأثير خلاف ذلك، فقال: إن الأسود قتلته غسان، وانتصرت عليه غسان، ثم قال ابن الأثير وقيل غير ذلك، وانتهى ملك الأسود بن المنذر المذكور في زمن فيروز.
ثم ملك بعده أخوه المنذر بن المنذر بن النعمان الأعور، ثم ملك بعده علقمة الذميلي، وذميل بطن من لخم، ثم ملك بعده امرؤ القيس بن النعمان ابن امرئ القيس المحرق، وهو الذي قتل سنمار الذي بنى لامرئ القيس المذكور قصره، وفيه يقول المتلمس:
جزاني أبو لخم على ذات بيننا ** جزاء سنمار وما كان ذا ذنب

ثم ملك بعده ابنه المنذر بن امرئ القيس، وكانت أم المنذر المذكور يقال لها، ماء السماء واشتهر المنذر المذكور بأمه، فقيل له المنذر بن ماء السماء، ولقبت بماء السماء لحسنها، واسمها ماوية بنت عوف بن جشم، وطرد كسرى قباذ المنذر المذكور عن ملك الحيرة، وملك موضعه الحارث بن عمرو بن حجر الكندي، لأن قباذ كان قد دخل في دين مردك، ووافقه الحارث ولم يوافقه المنذر فطرد لذلك، ثم لما تمكن كسرى أنوشروان بن قباذ المذكور في الملك، طرد الحارث وأعاد المنذر بن ماء السماء إلى ملك الحيرة، وقد تقدم ذكر ذلك مع ذكر أنوشروان، في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
ثم ملك بعد المنذر عمرو مضرط الحجارة، وهو ابن المنذر بن ماء السماء، وكان اسم أمه هند، ويعرف بعمرو بن هند، ولثمان سنين مضت من ملكه، كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ملك بعده أخوه قابوس بن المنذر بن ماء السماء. وقيل إنه لم يتملك وإنما سمي ملكاً لما كان أبوه وأخوه ملكين، ثم ملك بعده أخوهما المنذر بن المنذر، ثم ملك بعده ابنه النعمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء، وكنيته أبو قابوس، وهو الذي تنصر، وأمه سلمى بنت وائل بن عطية الصايغ، من أهل فدك، وملك اثنتين وعشرين سنة وقتله كسرى برويز، وبسبب مقتله كانت وقعة ذي قار بين الفرس والعرب.
ثم انتقل الملك في الحيرة بعد النعمان المذكور عن اللخميين إلى إياس بن قبيصة الطائي، ولستة أشهر من ملك إياس بعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ملك بعد إياس زاذويه ابن ماهسان الهمذاني.
ثم عاد الملك إلى اللخميين، ملك بعد زاذويه المنذر بن النجمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء، وسمته العرب المغرور، واستمر مالكاً للحيرة إلى أن قدم إليه خالد بن الوليد، واستولى على الحيرة، وكانت المناذرة آل نصر بن ربيعة عمالاً للأكاسرة على عرب العراق، مثل ما كان ملوك غسان عمالا للقياصرة على عرب الشام.